top of page

لاعب الشطرنج

  • رصفُ الأثاث
  • Jan 10, 2018
  • 2 min read

Otto Möller: Joueurs d’échecs.

حسنًا زفايج، بعد أربعة أكواب قهوة، والكثير من الشَّعر المنتوف من مؤخّرِ رأسي، عادتي الأثيرة عند قراءَتي كتابًا يحتاجُ -بسببي- تكرارَ الجملة مرّاتٍ عديدة، أنهيتُ روايتَكَ الأخيرة كتابةً، والأولى قراءةً لي من أعمالك. عليّ قبل البدء، أن أحرّرَ فكرةً تسيطرُ عليّ للمرّة الأولى! هناك رواية عاديّة، تبدو كأنّها قشرة. وهناك في مكانٍ آخر روايةٌ تعلمُ أنّها رمزيّة، أو أنّ كاتبها من الذين يقصدون. لكنّني بعد هذا العمل، وجدتُ نوعًا آخر. عملًا لا تدري إن كان قصدَ كاتبُه أن يحملَ النصّ تأويلاتٍ كثيرة حتى إن لم يفكّر بها، أو أنّه كتبها هكذا كأيّ كتابةٍ بلا قصد، تظهرُ بديعةً فقط. في هذا العمل القصير، عمِلَ زفايج (على اعتبار الحالة الثالثة) على صناعةٍ محيّرة! كأنّه يرصفُ أثاثَ غرفة. وأنت الذي تشاهد رصفَه لا يعنيكَ أبدًا أن تكونَ الأريكة أسفل النافذة مباشرةً أم إلى اليسار قليلًا. ولا تجدُ في نفسكَ من الحرج شيئًا إذا كان ورق الجدران أشدّ قتامةً من لون الأرضية، وأكثر بهجةً من لوحة الرجل العابس يمينَ رفّ التّحف. هكذا كان يعمل زفايج. هو لا يرصفُ أثاث غرفة فقط، بل يجعلك تشعر كم هو مهمّ. يختارُ المكانَ باخرةً مثلًا! يريدُ أن يحبسَ الشخصيّات القليلة (وأحبّ ما تكون الشخصيات في أيّ عمل بالنسبة لي أنّها قليلة). يمنعها من الخروج خارج رأسك لحظة. إلّا من ثقبين، كلاهما من الماضي، عن الشخصيّتين المحوريّتين. كما أنّ الباخرة تُخرجكَ من عبء النّظر في المكان ومحاولة قراءته، كأنّه يقول لك: أوه هذا يحصل في كلّ مكان، حتّى على ظهر المحيط. أن يتصارع البشر. زفايج لم يحدّد لاعب الشطرنج إذا لاحظتم! وهنا براعةٌ أخرى مدهشة! العنوان، مَن لاعب الشطرنج؟ أيّهما يقلّب الأخشاب على المربعات الأربعة والستين، باعتبارها أيَّ اعتبار إذا فكّكتم رمزيّتها كما تشاءون. يختارُ زفايج لعبة الشطرنج لأن لا مجالَ فيها للصدف، لكنّه بالتأكيد، قصدَ بكلّ نيّة، أن يجعلَ كلّ ما دون الشطرنج في هذه الصفحات، صدفة! ظهورُ كزنتوفيك صدفة أما الراوي وصديقه، السيّد ب، الكتاب الذي وجده السيّد ب في جيب سترة الجنديّ، موت البحّار والد بطل الشطرنج، القسّ، الضابط، كلّ شيء صدفة. كلّه. السيّد ب، شخصيّة غريبة، مجرّد حرف، وليس مبرّر زفايج كما ساقته المترجمة كافيًا بالنسبة لي. إنّه يقول أنّ

هذا السيّد منه الكثير، الكثير، وتلفّهم معالِمُ النكرة، إنه مجهول. أما كزنتوفيك فإنه علمٌ معروف. هكذا تستطيع تأويل ترميز زفايج، ولماذا جهدَ كثيرًا في تحليل شخصية السيّد ب أكثر من السيّد كزنتوفيك. هذه الرواية عن الحروب والأنظمة، والإنسان الذي يأكلُ فضلات كليهما. لفتني أن زفايج بارعٌ جدا في قول: انظر، حسنًا أنت أعمى. هل رأيت. (لكن بالطبع على شكل رواية).



 
 
 

Comments


bottom of page